من قلب المنتدى العالمي للسوسيولوجيا: رئيس جامعة محمد الخامس يؤكد التزام المغرب بالمعرفة والعدالة والسوسيولوجيا مدعوة لاستعادة دورها النقدي في زمن الأزمات

نيوز بلوس/الرباط

في حدث علمي غير مسبوق، وتحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، احتضنت جامعة محمد الخامس بالرباط، بشراكة مع الجمعية الدولية لعلم الاجتماع والهيئة المغربية للسوسيولوجيا، فعاليات المنتدى العالمي الخامس للسوسيولوجيا، الذي يُنظم لأول مرة في إفريقيا والعالم العربي، تحت شعار دال وعميق: “معرفة العدالة في عصر الأنثروبوسين”.

يمثل هذا المنتدى لحظة مفصلية في مسار العلوم الاجتماعية، حيث جمع أكثر من 5000 باحث وخبير يمثلون أكثر من 100 دولة، لتبادل الرؤى والتصورات حول التحديات العالمية التي باتت تُسائل ليس فقط عدالة الأنظمة والمؤسسات، بل أيضًا علاقتنا بالكوكب والمجتمع والمعرفة ذاتها.

في كلمة رفيعة المستوى ألقاها خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى العالمي الخامس للسوسيولوجيا، أكد الدكتور محمد غاشي، رئيس جامعة محمد الخامس بالرباط، على المكانة المركزية التي باتت تحتلها الجامعة المغربية في المشهد العلمي العالمي، منوّهًا بأن احتضان الرباط لهذه التظاهرة الدولية، التي تُعقد لأول مرة على أرض إفريقية وعربية، يشكل لحظة مفصلية في مسار الجامعة والبحث السوسيولوجي العالمي.

وفي كلمته، عبّر الدكتور محمد غاشي، عن الاعتزاز الكبير باحتضان هذا المنتدى، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، بشراكة مع الجمعية الدولية لعلم الاجتماع والهيئة المغربية للسوسيولوجيا، مؤكداً أن موضوع الدورة، “معرفة العدالة في عصر الأنتروبوسين”، يحمل رهانات فكرية ومجتمعية عميقة تستدعي مقاربات جديدة تتجاوز الأدوات التقليدية للتحليل السوسيولوجي.

وأوضح الدكتور غاشي أن تنظيم هذا المنتدى في المغرب ليس مجرد محطة تنظيمية، بل هو تعبير عن رؤية استراتيجية تُجسد ما أراده جلالة الملك محمد السادس نصره الله، جامعة مغربية منفتحة، مبادرة، وفاعلة في محيطها الوطني والدولي، مؤكداً أن الموقع الجيوستراتيجي للمملكة، وانفتاحها الثقافي، وتراكمها في ميادين الدبلوماسية البيئية والثقافية والروحية، جعل منها وجهة طبيعية للحوار العلمي الكوني.

وأشار إلى أن المغرب، من خلال جامعة محمد الخامس، راكم تجارب رائدة باستضافته مؤتمرات عالمية كبرى مثل COP22، ومنتديات الهجرة، ومؤتمرات الحوار بين الأديان والثقافات، ما جعل منه فضاءً حيويًا لتلاقح الفكر الإنساني في أبعاده المتعددة.

وبنبرة فكرية نقدية، دعا الدكتور غاشي إلى تجاوز البُنى الجامدة للنظرية السوسيولوجية والانخراط في تفكيك علاقة الإنسان بالطبيعة والمجتمع والمعرفة في سياق الأنتروبوسين. وقال إن العصر الذي نعيشه يهتز بالأزمات المناخية، ويتعمق بالفجوات الاقتصادية، ويشهد اختلالات متنامية بين الشمال والجنوب، ما يجعل من السوسيولوجيا أداة ضرورية لاستعادة دورها النقدي والتحريري في بناء مستقبل أكثر عدالة وتضامنًا.

وشدد على أن المعرفة يجب أن تتحول إلى رافعة للتنمية، والعدالة إلى شرط للاستقرار، والسوسيولوجيا إلى وسيلة للفهم والإصلاح، مؤكداً أن الجامعة لم تعد فقط فضاءً للتلقين بل منصة للتفكير المشترك والمساءلة والانفتاح.

في رسالته القوية، اعتبر رئيس الجامعة أن تنظيم المنتدى العالمي الخامس للسوسيولوجيا تعبير صريح عن التزام جامعة محمد الخامس بدورها في تدويل البحث العلمي، وتعزيز حضور الجنوب العالمي في خريطة العلوم الإنسانية. وقد أكد أن هذا المنتدى هو ثمرة جهود جماعية شارك فيها الطاقم العلمي والإداري والتقني إلى جانب شركاء دوليين، في تجسيد لقيم العلم، والمسؤولية الكونية، والحوار المتعدد.

وختم الدكتور محمد غاشي كلمته بالتنويه بالغنى الفكري للمنتدى وتعدد مرجعيات المشاركين ولغاتهم، من آسيا، وإفريقيا، وأوروبا، وأمريكا اللاتينية، ما يجعل من الرباط اليوم مركزًا حيويًا لصياغة تصورات جديدة حول العدالة، والهوية، والمواطنة، والمعرفة.

ووجه تحية تقدير للهيئة المغربية للسوسيولوجيا، والجمعية الدولية لعلم الاجتماع، وكل اللجان التنظيمية، مؤكدًا أن هذا المنتدى ليس فقط مناسبة علمية، بل مساهمة فعالة في بناء جسر جديد بين الشعوب، وإعادة تأسيس أفق أخلاقي للعلم في مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل.