الشرقاوي يفكك تهميش السياسة التشريعية لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة
منذ 9 ساعات
قال عمر الشرقاوي، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بالمحمدية، إن السبب في تعثر تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة يعود إلى “سوء فهم كبير” بين السياسيين والهيئة، موضحا أن توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة لم تعد مرجعية، والتذكير بها أحيانًا يكون في إطار المجاملات، وفي إطار نوع من البحث عن مصدر ثانوي وليس أساسيًا للسياسة التشريعية.
جاء كلام الشرقاوي خلال مشاركته في ندوة فكرية، الأسبوع الفارط، إذ أشار إلى أن الكثير من الفاعلين السياسيين لم يستوعبوا طبيعة المهمة التي أُنيطت بالهيئة، ولا أهمية التوصيات التي قدمتها بعد سنوات من العمل. متسائلا “هل كان لهذه التوصيات أثرٌ على المنظومة التشريعية المغربية؟ وهل الفاعل في المنظومة التشريعية كان مؤمنًا ومقتنعًا بتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة؟ وهل نحن اليوم، بعد تقريبًا أكثر من عشرين سنة، أمام منتوج تشكل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة مرجعية له؟”.
وفي إطار الجواب على هذه الأسئلة، أشار الشرقاوي إلى أن المنتوج التشريعي للحكومات المتعاقبة، تجاوزت نصوصه 800 نصا، 42% منها كلها اتفاقيات دولية، بما فيها الاتفاقيات المرتبطة بالمجال الحقوقي، وعلى رأسها مصادقة المغرب على البروتوكول الاختياري لمناهضة التعذيب، ليتساءل: هل المنتوج التشريعي لكل هذه الحكومات احترم هيئة الإنصاف والمصالحة؟.
وتابع قائلًا إن الفاعل السياسي لم يكن يأخذ بعين الاعتبار مرجعية هيئة الإنصاف والمصالحة ضمن كل النصوص الموجودة، وذلك ربما بسبب عدم إشراكه في بدايات أشغالها، وربما كان ذلك بسبب سوء الفهم الكبير بين الفاعل الدستوري، أي الحكومة والبرلمان، وبين الهيئة.
ولفت الدكتور نفسه إلى أن مرجعية هيئة الإنصاف والمصالحة “رأيناها في قانون واحد، وهو قانون المجلس الوطني لحقوق الإنسان”، مضيفًا أنه “منذ البداية كان هناك نوع من سوء الفهم بين الفاعل الدستوري وبين توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، مشيرا إلى تهميش هذه التوصيات في السياسات التشريعية من طرف كل الحكومات.
واستحضر في هذا السياق “سنة 2012، عندما وضعت الحكومة مخططًا تشريعيًا لأول مرة، وضمن هذا المخطط كانت هيئة الإنصاف والمصالحة غائبة، لأن الفاعل الدستوري، أي الحكومة والبرلمان، يميلان إلى البرنامج الحكومي، والخطب الملكية، والتوجيهات التي تكون خلال افتتاح البرلمان، أو غيرها من الخطب الرسمية في المناسبات الرسمية، أو عن طريق إيحاء تشريعي من مؤسسة دستورية، أو التفاعل مع اتفاقية دولية”.
ورغم أن هيئة الإنصاف والمصالحة، التي أُحدثت سنة 2004، مثّلت لحظة مفصلية في تاريخ العدالة الانتقالية بالمغرب، فإن توصياتها لم تُفعّل بالشكل المطلوب، وفق الشرقاوي، الذي أكد أن الحكومة لا تضع هيئة الإنصاف والمصالحة كمرجعيّة للسياسات التشريعية، بالإضافة إلى أن الكثير من التوصيات لم يتم تهميشها فحسب، بل جيء بقوانين لا تتماشى معها، إضافة إلى تعطيل قوانين كان من المفروض أن تشكل فعلية التوصيات.
وأكد أن الدليل على عدم تطبيق ظهير الحريات العامة الذي صدر سنة 1958، الذي لازلنا نعاني لتعديل مقتضياته المركزية، رغم وضع ستة دساتير، لازلنا نعجز عن تغيير ومراجعة قانون الوظيفة العمومية أو قانون ظهير الحريات العامة، مستنتجا أن “هناك ضعفًا في فعلية ومآلات توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وبعد عشرين سنة نجد بأن توصيات الهيئة لا تشكل مرجعية للسياسات التشريعية”.
وتابع قائلا: “على الأقل، منذ سنة 2011، أصبحنا أمام مرجعية أخرى لا علاقة لها بهيئة الإنصاف والمصالحة، وهي المرجعية الجديدة التي أفرزها السياق العربي والمغربي، وأنتجت دستور 2011، والذي أصبح يشكل الآن مرجعية من المرجعيات المرتبطة بحقوق الإنسان”.
أورد أنه “حتى قضية الحكامة الأمنية وتوسيع الحقوق ومجلس المغتربين، وهذا الأخير لم نعد نتحدث عنه بشكل كبير حتى سنة 2011 مع الدستور الجديد، وللأسف، منذ تشكيل المجلس الاستشاري للجالية، مازال لحد الآن، بعد 12 سنة، بدون عمل، وبدون نتائج، وبهذا أصبحنا أمام مرجعية جديدة، والحقيقة أن هيئة الإنصاف والمصالحة لم تعد مرجعية، والتذكير بها يتم في إطار المجاملات فقط”.
...لماذا التصفح على التطبيق احسن
أخبار المغرب من أهم المواقع الالكترونية والجرائد الالكترونية المغربية ذات مصداقية وبكل حياد. جولة في الصحافة ومقالات وتحليلات أخبار سياسية واقتصادية ورياضية وثقافية وحقوقية، تغطيات خاصة، و آخر أحداث عالم الطب والتكنولوجيا. أخبار المغرب العاجلة نظام ذكي يختار لك أفضل الأخبار من أفضل المواقع والجرائد الالكترونية ويرسل تنبيهات فورية للأخبار العاجلة