نعيمة بويغرومني تكتب: المدن ليست ضيعةً للأحزاب، وصندوق الاقتراع لا يمنح صكوكَ مِلكيّة

منذ 19 ساعة

نعيمة بويغرومني تكتب: المدن ليست ضيعةً للأحزاب، وصندوق الاقتراع لا يمنح صكوكَ مِلكيّة

نعيمة بويغرومني

حين تخرج نائبةُ رئيسِ جماعةٍ مُنتخبة، لتردّ على معارِض أو معارِضة لسياسات حزبها بعبارةٍ مستفزّة من قبيل:“اللّي ما عجبو حال، نجمعو ليه ويمشي من المدينة”، فنحن لا نكون أمام زَلّةِ لسانٍ أو انفعالٍ عابِرٍ، مهما أحسَنّا النيّة، بل أمام تصوّرٍ مُقلقٍ لمفهوم المسؤوليّة، وانزلاقٍ خطيرٍ في فهم حدودِ السُّلطة ومكانةِ المواطن.

إن المدينة ومن بعدها القرية أو الجهة… ليست ضَيْعةً يملكُها من انتصر في اقتراع، ولا إقطاعيةً حزبيّة تُدارُ بمنطقِ الولاء، بل فضاءٌ عامٌ، لكلّ من يقطُنُه، دون تمييزٍ في اللون أو الرأي أو الانتماء. فالله تعالى يقول: “وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا” وفي هذا إشارة إلى أن الظلمَ في تدبير المدن والقرى كان سببَ هلاكها، لا افتخارَ من تولاها بها.

لقد نسيت هذه المنتخبة أن الحُكمَ أمانةٌ، لا غنيمةٌ، كما جاء في الحديث النبوي الشريف: “إنها أمانة، وإنها يومَ القيامة خِزيٌ وندامةٌ، إلا من أخذها بحقّها وأدّى الذي عليه فيها” فهل من يأمرُ مواطنًا بمغادرة مدينته فقط لأنه مُعارض، يكون قد حمل الأمانة بحقّها؟!

طبعًا لا، فـصندوقُ الاقتراعِ ليس صكّ مِلكيّة، إنه تفويضٌ مشروطٌ، محكومٌ بقانونٍ ومُقيّدٌ بزمنٍ… لا بيعةَ أبديّة. وما السياسة “النظيفة” إلا خدمةُ العامة، وتدافعٌ نحو الخير، لا منصةً لتوزيع الإهانات، ولا “غنيمةً” نستقوي بها على الناس…

أما القول:”من لم يُعجبه الحال فليرحل أو يُهاجر…”، فهو شبيهٌ بمنطق فرعون: “ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد” وشتّان بين منطق الطغيان، وروح التعدّد والتعايش التي يقومُ عليها المغربُ الضارب في عمق التاريخ، ولا فخر!

وبالجُملة، لا تنفع البرامج ولا الإنجازات، إن ضاعت الأخلاق، وضاعت معها الحقوق، وأولها الحقّ في إبداء الرأي المخالف أو المنتقد… وتحوّلت السلطة إلى سيفٍ مسلّطٍ على رقاب المعارضين، وتحولت بالتبع إلى لسانٍ سليطٍ يخدش قواعد اللياقة والأدب وإن كان مغموسًا بـ”ابتسامة”.

وبكلمة، الديمقراطية لا تعني التسلّط، ولا التعالي، ولا الاستهزاء… بل الاستماع. ولا تُقاس قوّة المسؤول بعدد المقاعد، بل بقدرته على احترام المختلف. قال الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “رحم الله امرؤا أهدى إليّ عيوبي”، فكيف بمن يعتبر الناقد خصمًا ويطالبه بـالمغادرة؟!

لقد قالوا في المأثور الشعبي: “الكرسي ما يدوم لحدّ”، وقالوا لنا مرارًا: “لو دامت لغيرك، ما وصلتك”…

أما اليوم ، و دون تعميم طبعًا، فقد صار البعض لا يُطيق حتى أن يُقال له: “أنتم مخطئون”، أو “خذوا مقترحاتنا بعين الاعتبار”…

وعليه، إن ما قيل بحق ساكنة أكادير لا يُردّ عليه بالغضب فقط، أو بالتدوينات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو بالتهكم…وكلها ردود أفعال طبيعية لسلوك مستفز… بل بـالوعي: وعي المواطن بحقوقه، ووعي السياسيّ بحدوده. فمن لا يقبل النقد لا يستحق القيادة. ومن لا يميز بين التفويض والتفرّد، لا يليق به أن يمثّل الناس، لا في المدينة ولا في غيرها.

ختاما، ولا ختام لرفع منسوب الوعي في النقاش… المُنتَخَبُ لا يُختارُ ليتسلّط، بل ليصغي… فمن لا يسمع الناس، لا يستحق أن يتكلم باسمهم.

...

الخبر كامل

اكتشف كل المزايا على التطبيق

✅ سريع

✅ سهل الاستخدام

✅ مجاني

إبدا الان
اقتراحات قد تعجبك من العدالة والتنمية ⬇️
news-stack-on-news-image

لماذا التصفح على التطبيق احسن

أخبار المغرب من أهم المواقع الالكترونية والجرائد الالكترونية المغربية ذات مصداقية وبكل حياد. جولة في الصحافة ومقالات وتحليلات أخبار سياسية واقتصادية ورياضية وثقافية وحقوقية، تغطيات خاصة، و آخر أحداث عالم الطب والتكنولوجيا. أخبار المغرب العاجلة نظام ذكي يختار لك أفضل الأخبار من أفضل المواقع والجرائد الالكترونية ويرسل تنبيهات فورية للأخبار العاجلة