بين الوهم والحقيقة.. أسفي أسيرة الأماني المصاغة كأخبار

ماذا لو قلنا إن آسفي ستشهد بناء “مول” ضخم؟وماذا لو بشرنا بأن شخصية معروفة ستتكفل بتقديم الكسكس لفريق نيجيليك النيجيري؟أو أن مشروع “أكوا بارك” سيرى النور قريبا؟

أليست هذه مجرد ترهات تسوق كحقائق مؤكدة؟

اليوم، الرأي العام المحلي يعيش على وقع وعود براقة تقدم في قوالب جميلة، لكنها لا تتجاوز حدود الخيال أو التسويق اللحظي. أخبار تصاغ بغباء لتصنع ضجة، وتغذي الأمل الزائف، بينما الواقع يظل كما هو: مشاريع متوقفة، مشاكل تراكمية، وانتظارات بلا أفق.

وإذا أضفنا مزيدا من “الترهات” الساخرة:

مستشفى متكامل التخصصات سيغني المواطن عن التنقل إلى مراكش… ننتظر فقط أن يتحقق هذا الحلم.

حديقة ملاهي ستفتح أبوابها للأطفال خلال أشهر قليلة… بينما أطفال الحي لا يجدون حتى مساحة آمنة للعب.

أكبر معمل لصناعة الوهم سيشغل آلاف الشباب، حاملي الشهادات أو بدونها، ليعملوا جميعا في سوق الأوهام والوعود الزائفة.

والأرصاد الجوية تتوقع لآسفي ربيعا دائما، بلا برد ولا حر، ولا أي فصل آخر… وكأن الطبيعة بأكملها انضمت إلى هذا المسرح الهزلي.

أخطر ما في هذه “الترهات” أنها تمنح الناس جرعة وهمية من الأمل، سرعان ما تتحول إلى خيبة جديدة، فتتفاقم الفجوة بين المواطن والخطاب الرسمي، ويصبح المواطن رهينة لتسويق الأخبار الزائفة والمشاريع غير الملموسة.

ليس المهم فقط أن تكون الأخبار صحيحة أو زائفة، بل أن ندرك ثمن هذه الأوهام: تضليل الرأي العام، استنزاف الثقة بين المواطن والمسؤولين، وخلق حالة من السلبية والانتظار اليائس.

آن الأوان للتمييز بين الأحلام المشروعة التي تحتاج إلى تخطيط وعمل، وبين الأوهام المصنوعة التي لا تزيد إلا تضليل الساكنة. فالحقائق تبنى على الأفعال، لا على عناوين جذابة، ولا على الكلام المنمق الذي يملأ الصفحات ويعطي وهم الحركة.

آسفي لا تنقصها الطموحات، لكنها تنقصها الجرأة والصدق في الفعل. أما “صناعة الوهم”، فهي الوحيدة التي تعمل بلا توقف، لتسوّق لنا الأخبار على أنها حقائق، والأماني على أنها مشاريع مؤكدة.