غضب في إسبانيا بعد انسحاب شركات طيران نحو المغرب

تسود حالة من “الغضب” في الصحافة الإسبانية تجاه وزير النقل، أوسكار بوينتي، بينما يظهر المغرب في الخطاب الإعلامي نفسه كأكبر المستفيد من “الفوضى” التي تعرفها المطارات الإسبانية، وذلك بعدما وصفت التقارير الوضع داخل إسبانيا بـ”المرتبك”، وتحمّل الوزير مسؤولية ما تسميه تراجعا واضحا في جودة الخدمة الجوية، الأمر الذي دفع شركات طيران معروفة إلى تقليص نشاطها هناك والتوجه بقوة أكبر نحو المغرب الذي يثبت قدرته على استيعاب حركة جوية متنامية بانتظام واستقرار.

شركة الطيران الأكثر حضورا في هذه الانتقادات هي الشركة الإيرلندية منخفضة التكلفة “ريانير”، التي أعلنت عن خفض كبير في رحلاتها داخل إسبانيا خلال فصل الشتاء، وحذف عدد ضخم من المقاعد بعد خفض مماثل خلال الصيف، وهو ما خلق صدمة داخل الوسط الإعلامي الإسباني، لأنه جاء متزامنا مع قرار الشركة نفسها توجيه طائراتها نحو المغرب، بعدما اعتبرت مطاراته أكثر انضباطا وأقل تكلفة، وأكثر قدرة على دعم التوسع الجوي.

مدير الشركة شدد في تصريحات سابقة على أن الاستثمار في المغرب يتعزز بقوة مع اقتراب موعد تنظيم كأس العالم سنة 2030، معلنا افتتاح خطوط جديدة، بينها خطوط داخلية هي الأولى من نوعها بالنسبة للشركة داخل المغرب.

الغضب الإعلامي لم يتوقف عند هذا الحد، إذ توجهت شركة بريطانية معروفة وشركة إسبانية كذلك إلى تعزيز نشاطهما في المغرب، حيث أن الشركة البريطانية وقعت اتفاق تعاون طويل المدى مع المكتب الوطني المغربي للسياحة، يتضمن إنشاء قاعدة تشغيلية في مطار مراكش، مع تخصيص ثلاث طائرات واستثمار مالي كبير، وهو ما اعتبرته الصحافة الإسبانية ضربة جديدة لصورتها الجوية، لأنه يمثل انتقالا استراتيجيا نحو المغرب على حساب شبكات كانت تتمتع بها إسبانيا سابقا.

أما الشركة الإسبانية، فقد افتتحت خطا جويا جديدا يربط برشلونة بمدينة أكادير، إلى جانب خطوط أخرى تربط برشلونة بمراكش والصويرة، في خطوة تؤكد أن المغرب أصبح الوجهة المفضلة لتوسعاتها الإقليمية، رغم أن السوق الإسبانية هي موطنها الأصلي.

وفي الجهة المقابلة، ومع كل هذا التحول، تسجل المؤشرات السياحية المغربية أرقاما تاريخية، ذلك لأن المغرب استقبل ستة عشر مليونا وستمئة ألف سائح حتى نهاية أكتوبر من السنة الجارية، وهو عدد غير مسبوق يرتفع بنسبة كبيرة مقارنة بالسنة الماضية، ويعكس صورة بلد قادر على تحويل الاستقرار والتنظيم إلى قوة جذب حقيقية، في وقت يشتد فيه الجدل داخل إسبانيا حول أسباب فقدانها لجزء من نفوذها الجوي لصالح جارتها الجنوبية.