ويحمان يستعيد ذكريات حرمانه من تجديد بطاقة الصحافة 

ويحمان يستعيد ذكريات حرمانه من تجديد بطاقة الصحافة 

هوية بريس – عابد عبد المنعم

قدّم الباحث في علم الاجتماع السياسي ورئيس فدرالية الصحفيين المغاربة سابقا، الدكتور أحمد ويحمان، شهادة مطوّلة وصف فيها فضيحة الفيديو الذي بثه الصحافي حميد المهداوي بأنها لحظة كاشفة، أماطت اللثام عن خلل بنيوي قديم في الحقل الإعلامي المغربي.

ويرى ويحمان أن ما ظهر إلى العلن اليوم ليس حادثا معزولا، بل امتداد لمسار طويل من الانحرافات داخل النقابة الوطنية للصحافة ومحيطها، حيث تُقدَّم الولاءات على القيم المهنية، ويُستعمل الانتماء النقابي أحيانا لتصفية الحسابات بدل حماية الصحافيين والدفاع عن حرية التعبير.

ويستعيد ويحمان تجربته قبل خمسة وعشرين عاما عندما دخل في مواجهة مفتوحة مع قيادة النقابة آنذاك، مطالبا بإعادة الاعتبار للأخلاق المهنية والاستقلالية.

وبرغم وساطات قادها الراحل العربي المساري وعبد الجبار السحيمي وحسن نجمي، انتهى الأمر بإقصائه من جريدة الاتحاد الاشتراكي ومنعه من تجديد البطاقة المهنية مباشرة بعد انتخابه رئيسا لفيدرالية الصحفيين المغاربة، في خطوة اعتبر الهدف منها “قطع الرأس” وإجهاض أي بديل مهني قد يعيد النقابة إلى مسارها الطبيعي.

تلك الوقائع، بحسب شهادة ويحمان، تكاد تتكرر بالحرف مع الجدل الحالي، وبلسان “التشيطين” و”قطع الرؤوس” و”الرزية في الأرزاق” الذي سمعه المغاربة بصدمة في الفيديو المسرب.

ويؤكد ويحمان أن المشكلة لا تتعلق بأخطاء أشخاص، بل ببنية كاملة تعيد إنتاج ذاتها جيلًا بعد جيل. فالفساد في النقابة والصحافة ليس سوى جزء من فساد أكبر يطال مؤسسات الدولة نفسها، وفق مفهوم “الدولة النيوبتريمونيالية” التي تقوم على تبادل الولاءات بالمنافع، بينما تبقى القوانين والمؤسسات مجرد واجهة.

لذلك، فإن الصحافة، في نظر ويحمان، لا يمكن أن تكون أفضل من البيئة التي تنتجها، ولا يمكن للمهنيين أن يمارسوا دورهم الرقابي في ظل منظومة تكافئ التبعية وتعاقب من يرفع صوته طلبا للإصلاح.

هذا واختتم ويحمان مقالا له بنبرة لا تخلو من السخرية السوداء، معتبرا أن داء الصحافة ونقابتها قديم ومتجذر، لأنه جزء من داء أشمل يضرب الدولة برمتها. ومع كل ما يكشفه الواقع من انحرافات، يظل الأمل معلّقاً بتغيير جوهري لا يكتفي بتبديل الوجوه، بل يعيد بناء منظومة إنتاج القرار والسلطة داخل المؤسسات.