دراسات زلزالية تُمهِّد لقرار الحسم في النفق البحري بين المغرب وإسبانيا
منذ يومين
يواصل المغرب وإسبانيا الدفع نحو مشروع النفق البحري الذي يربط بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط عبر مضيق جبل طارق، المشروع الذي وصفه خبراء بأنه ضخم وفارعي الأبعاد، وسط مخاوف تتعلق بالزلازل والجدوى الاقتصادية والتقنية، وفق ما أوردته صحيفة “El Independiente” في تقرير حديث.
وأشار المصدر ذاته أن الحكومتين اتفاقًتا على التعاون العلمي لدراسة النشاط الزلزالي والجيوديناميكي في المنطقة، في خطوة تهدف إلى تقييم إمكانية تنفيذ المشروع. وقد وقّع الاتفاق المعهد الجغرافي الوطني الإسباني التابع لوزارة النقل والتنقل المستدام والمركز الوطني المغربي للبحث العلمي والتقني (CNRST)، ويشمل تطوير دراسات مشتركة، وتبادل المعلومات العلمية، والتنسيق في نشر شبكات مراقبة زلزالية متقدمة.
رغم الطلبات المتكررة لتوضيح تفاصيل الاتفاقية، رفضت وزارة النقل الإسبانية ومكتبها الإعلامي تقديم معلومات إضافية للصحيفة حول مذكرة التفاهم الخاصة بمراقبة النشاط الزلزالي، والتي وُقعت خلال اجتماع رفيع المستوى في مدريد الأسبوع الماضي، ضمن 14 اتفاقًا تم توقيعها خلال قمة قصيرة غامضة استمرت ثلاث ساعات دون عقد مؤتمر صحفي لاحق.
التعاون العلمي وتفاصيل الدراسات
وأوضحت الصحيفة أن الدراسات، التي ستبدأ لمدة ثلاث سنوات قابلة للتمديد، تصب في مصلحة مشروع النفق وشركة “SECEGSA”، الشركة العامة المكلفة بالربط الثابت عبر المضيق، والتي أعادت الحكومة تفعيلها بعد سنوات من الجمود.
وفي الأشهر الأخيرة، أطلقت “SECEGSA” سلسلة من المناقصات لشراء معدات وخدمات متخصصة، تشمل معدات مختبرية دقيقة وأدوات للجيوديسيا والهيدروغرافيا وعلم المحيطات، إضافة إلى استئجار أجهزة قياس الزلازل البحرية مع خيار الشراء لإجراء الدراسات الجديدة. وأكدت الصحيفة أن هذه المناقصات تهدف لدعم الدراسات العلمية المرتبطة بالمشروع.
ويرى المهندس المدني رافائيل غارسيا-مونخي، المسؤول السابق عن المشروع، وفق ما نقله المصدر ذاته على لسانه، أن أحد أبرز التحديات يتمثل في طبيعة الأرض بمنطقة “عتبة المضيق”، التي تحتوي على ستة أنواع مختلفة من الطبقات الأرضية، بعضها يصعب حفره.
وأضاف أن هناك منطقتين بطول نحو 2.5 و1.5 كيلومتر، حيث كان إمكان الحفر باستخدام آلات النفق محدودًا لفترة طويلة، لكن التقنيات الحديثة قد تجعل التنفيذ ممكنًا اليوم، بحسب المصدر ذاته.
كما أوضحت مصادر مطلعة للصحيفة الإسبانية أن مثل هذه الاتفاقيات تتكرر، نظرًا لكون وظيفة المعهد الجغرافي الوطني تشمل التخطيط وإدارة أنظمة المراقبة والاتصال والتنبيه الزلزالي، لأن المنطقة مشتركة بين البلدين، لافتة المصادر إلى أن “SECEGSA” ستستفيد من النتائج العلمية رغم عدم ذكرها في الاتفاق الأخير.
أبعاد المشروع وتقنيات التنفيذ
وأفادت الصحيفة أن النفق المخطط له مزدوج للسكك الحديدية، بطول 38.7 كيلومترا، منها 27.7 كيلومترا تحت سطح البحر على عمق يقارب 100 متر، مع ممر وسطي للخدمات، بحيث تمر قطارات الركاب والبضائع عالية السرعة في اتجاهين متعاكسين، ويمكن للشاحنات والسيارات الصعود على القطارات.
ومن المتوقع أن لا تتجاوز الرحلة بين الضفتين نصف ساعة، ما يجعل النفق أحد أطول الأنفاق البحرية من نوعه في العالم إذا تحقق المشروع.
وذكرت “El Independiente” أن تكلفة المشروع كانت قبل ثلاثين عامًا نحو 13 مليار يورو، ومن المتوقع أن تتجاوز اليوم ضعف هذا الرقم، ما يجعل التمويل أحد أكبر التحديات أمام التنفيذ.
الجدوى والتوقيت
وأكدت وزارة النقل الإسبانية، وفق الصحيفة، أن المشروع لا يزال في مرحلة دراسات الجدوى، ولم تحدد مواعيد أو مراحل التنفيذ بعد، رغم التوقعات الإعلامية في المغرب بأن أعمال البناء قد تنتهي بحلول عام 2040، وتم تمويل الدراسات من الاتحاد الأوروبي. فيما رفضت شركة “Ineco” العامة، المكلفة بالدراسات، تقديم معلومات تفصيلية عن مراحل البحث والتنفيذ.
الخلفية التاريخية
وأشارت “El Independiente” إلى أن المشروع الأصلي بدأ عام 1989 بفكرة بناء جسر يربط أوروبا بأفريقيا، وتم استبداله في 1995 بخيار النفق الحديدي على غرار نفق المانش بين فرنسا وبريطانيا.
وعند عرضه في بداية المشروع برعاية الملكين خوان كارلوس الأول والحسن الثاني، كان المخطط إنشاء نفق مزدوج للسكك الحديدية بطول 38.7 كيلومتر، مع نفقين متوازيين ومسار للقطارات وخدمات النقل البري على القطارات، بهدف الربط بين الضفتين في أقل من نصف ساعة.
ويهدف المشروع حاليًا إلى تعزيز الترابط بين البنية التحتية وتسهيل حركة النقل بين البلدين، ضمن رؤية مشتركة لتعزيز التعاون الاقتصادي والتقني، رغم استمرار التساؤلات حول الجدوى النهائية والتكاليف الضخمة.
...لماذا التصفح على التطبيق احسن
أخبار المغرب من أهم المواقع الالكترونية والجرائد الالكترونية المغربية ذات مصداقية وبكل حياد. جولة في الصحافة ومقالات وتحليلات أخبار سياسية واقتصادية ورياضية وثقافية وحقوقية، تغطيات خاصة، و آخر أحداث عالم الطب والتكنولوجيا. أخبار المغرب العاجلة نظام ذكي يختار لك أفضل الأخبار من أفضل المواقع والجرائد الالكترونية ويرسل تنبيهات فورية للأخبار العاجلة

