✅ “حافلات البوغاز” تختبر قدرة طنجة على حماية أسطولها الجديد من الإهمال وعبث الاستعمال | طنجة24
منذ 18 ساعة
يضع دخول أسطول النقل الحضري الجديد حيز الخدمة في مدينة طنجة السلطات والشركة المفوضة أمام اختبار عسير لضمان استدامة هذا الاستثمار العمومي، وسط محاذير جدية من تكرار سيناريو التآكل المبكر الذي عصف بتجارب سابقة، نتيجة تراكم أعطال الصيانة والسلوكيات غير المنضبطة.
ويأتي تشغيل نحو 280 حافلة حديثة تحمل شعار “حافلات البوغاز”، ضمن برنامج وطني تشرف عليه وزارة الداخلية في سياق محفوف بالمخاوف من استنساخ تجربة الشركة الإسبانية “ألزا” التي دبرت القطاع لسنوات، وانتهت فترة تدبيرها بأسطول وصفته تقارير رسمية وإعلامية بالمهترئ، بعدما عجزت عمليات الصيانة المعتمدة حينها عن مجاراة وتيرة الاستعمال المكثف وضعف المراقبة التقنية الدورية.
ويرى مراقبون أن الرهان الحقيقي لا يكمن في حداثة الحافلات المجهزة بأحدث تقنيات الولوجيات والتتبع، بل في القدرة على حمايتها من “التآكل الوظيفي”، خاصة أن تدقيقات سابقة كشفت عن ثغرات في احترام جداول الصيانة الوقائية، وهو معطى يعود إلى الواجهة بقوة اليوم، حيث يؤكد خبراء أن التكنولوجيا المتطورة في الحافلات الجديدة تجعلها أكثر هشاشة أمام أي إخلال بشروط الصيانة الدقيقة.
وإلى جانب التحدي التقني، تبرز معضلة “سلوك المرتفق” كأحد أبرز مهددات الأسطول، إذ سجلت ملاحظات ميدانية أولية لجوء المشغل إلى تعطيل ميزات مثل أجراس التوقف في بعض الخطوط، كإجراء اضطراري لمواجهة الاستعمال العبثي لهذه التجهيزات، وهو مؤشر مقلق يعيد طرح إشكالية غياب التأطير السلوكي الذي قد يؤدي، وإن غاب التخريب المادي المباشر، إلى استنزاف وظائف المركبات وتسريع تقادمها.
وتشير تجارب النقل الحضري في عدد من المدن المغربية إلى أن ضعف منظومة الردع وغياب الصرامة في تتبع الحالة الميكانيكية، يساهمان بشكل مباشر في تحويل استثمارات ضخمة إلى أسطول متهالك في ظرف وجيز، مما يجعل تجربة طنجة الحالية أمام مفترق طرق، يفرض تفعيل آليات رقابة صارمة تضمن احترام دفتر التحملات وتحصن الممتلكات العامة من ممارسات الإهمال واللامبالاة.
ويستند هذا التحول في تدبير القطاع إلى هندسة تعاقدية جديدة تهدف إلى تجاوز ثغرات “التدبير المفوض” الكلاسيكي، حيث قامت الدولة والجماعات الترابية بتمويل وشراء الأسطول بالكامل لإنهاء ذريعة ضعف القدرة الاستثمارية للشركات الخاصة، وهو إجراء يرمي نظريا إلى تحييد هاجس الربح المادي عن حسابات جودة الخدمة، وجعل الشركة المشغلة مسؤولة حصرا عن الجودة التشغيلية والصيانة دون تحمل أعباء الاستثمار في الأصول.
وتفرض الخصوصية الجغرافية لمدينة طنجة تحديا إضافيا على معادلة الصيانة، إذ تتميز المدينة بطبوغرافية صعبة تكثر فيها المنحدرات الحادة والمسارات الملتوية، إضافة إلى تمدد عمراني واسع نحو مناطق صناعية بعيدة، ما يضع المحركات وأنظمة الكبح والتعليق في الحافلات تحت ضغط ميكانيكي يفوق نظيره في المدن المنبسطة، ويجعل أي تهاون في استبدال قطع الغيار أو الزيوت سببا مباشرا في خروج العربات عن الخدمة في وقت قياسي.
ويبقى الاختبار الحقيقي لهذا النموذج رهينا بمدى تفعيل آليات “شرطة المراقبة” التابعة لمجموعة الجماعات الترابية، التي تملك صلاحية فرض غرامات زجرية على الشركة المشغلة في حال رصد أي إخلال ببنود الصيانة أو النظافة، وهي صلاحيات ظلت في التجارب السابقة حبرا على ورق أو خضعت لتسويات ودية، مما ساهم في تراكم الاختلالات التي أوصلت القطاع إلى حافة الإفلاس التقني قبل نهاية العقود السابقة.
...لماذا التصفح على التطبيق احسن
أخبار المغرب من أهم المواقع الالكترونية والجرائد الالكترونية المغربية ذات مصداقية وبكل حياد. جولة في الصحافة ومقالات وتحليلات أخبار سياسية واقتصادية ورياضية وثقافية وحقوقية، تغطيات خاصة، و آخر أحداث عالم الطب والتكنولوجيا. أخبار المغرب العاجلة نظام ذكي يختار لك أفضل الأخبار من أفضل المواقع والجرائد الالكترونية ويرسل تنبيهات فورية للأخبار العاجلة

